..:: " اقتباس من الرواية " ::..
غامت عيناه بتلك الغيمة التي لازالت تتمني لو تجليها هي
وهو يقر بصوت آجش
( الحب يصنع المعجزات قالوا.... وانا أُحاجي بأن الكره يفعل المثل)
أجابت بنفس السكينة التي تحيطها كغلاف جوي اخر خاص بها دون سواها
( وانا أناقضك القول واناقضهم .... لا الحب ولا الكره.... المعجزات من عند الله وحده)
لدقيقة لملمته كلماتها كحضن أم يغرق في دفئه وهو يجيب بصوت خفيض
( صدقت.... ) امالت رأسها بدهشة لذلك الذي لا يوافقها القول أبدا وهو يستطرد
( فمعجزة مثلك .... من صنع الله وحده)
وأنهي القول مبتعدا حتي لا يبوح بالمزيد
( معجزة بيضاء لاتليق بصخر)
..:: المقدمة ::..
قبل سنوات.....
راقب التصاقها بالنافذة الواسعة لتبتعد قدر الامكان عن حيزه.... كانت لغة جسدها تنطق توترا وضيقا لذا قال مواسيا
( دميتي.... لم اكن اعرف ان اخي سيتأخر كل هذا الوقت والا لما كنت جئت بك لهنا)
اجابت غفران بإنفعال لم تعد قادرة علي احتوائه ( لقد اخطأ كلانا شهاب . ماكان من المفترض ان اصعد معك لشقة وحدنا...)
انزعج لانفعالها وبان انزعاجه في لهجته ( وهل تعتقدين غفران اني قصدت ان اضعك في هذا الموقف... بعد سنوات حافظت عليك... آتي الان ونحن قاب قوسين من ان نصبح معا... لأخطي في حقك وحق نفسي )
تحركت من وقفتها تتجه اليه بآسف لمع في عينيها الواسعتين ( اسفة شهاب لم اقصد... اعرف ان كل ما اردته هو ان تريني شقتنا المستقبلية ... لكن لا احب ان اعرض نفسي واخي لمواقف جارحة)
ابتسم لدميته نقية المشاعر وهو يهمس ( اذا هيا لننتظر تحت البناية حتي يحضر بهاء)
هزت رأسها بموافقة وهي تغادر قبل ان تلقي نظرة اخيرة علي الشقة الفارغة وهي تهمس همسة وصلت لقلبه المشتاق ( جمعنا الله فيها علي خير)
ركبا المصعد فتمتم بوجع لم يفارقه لسنوات ( ستنتهي اجازتكم في الوطن وتعودين لغربتك... وأعود انا بلا روح)
مدت كفها لتربت بلهفة علي ذراعه... لكن خجلها نبهها فاعادت لجوارها وهي تقول بتضرع ( حفظك الله من كل سوء... ستكون اخر مرة والاجازة القادمة تأتي لاخي...)
قاطع حلمها الصغير توقف المصعد المفاجئ وانطفاء الانوار...كان الهلع يتسرب اليها مع خيوط دخان تتسرب من جوانب المصعد بينما شهاب يحاول فتح الباب وهو يهتف بها
( لاتجزعي دميتي.... سأخرجك لا تقلقي)
كان اخر ما رأته هو وجه شهاب يقترب منها يلف وجهها بقميصه قبل ان تغيب عن الوعي مع وطأة رائحة حريق تحتل رئتيها.
اصوات صراخ.... هتاف غاضب...ابراهيم يهدد ويتوعد بمن! لازالت غائبة.
فتحت عينيها لتري نفسها محاطة بهانيا وهوينا علي جانبي السرير بينما رقية... امها الصغيرة تبكي وهي تملس شعرها الاسود.... بينما تلمح عند باب الغرفة حسن يتحدث مع الطبيب الذي يؤكد لاذنها المرهقة ( لا ينبغي حتي ان تتحدث لقد تضررت الرئة وعلينا ان نحافظ..)
لم تعد تهتم بأي من كل هذا... كل ما هما هو اقترابه منها... " ابراهيم"
خرجت همسة مبحوحة تكاد تسمع.... ولكنه سمعها واقترب.. وياليته لم يفعل.
كان وجهه اسودا وندباته تحولت لقرمزي .... لم يكن علي وجهه ذرة حنان طالما اغدقه عليها... لم يكن في صوته وهو يهدر بضع حب طالما عوضها به عن يتمها
( انت... انت تلوثين نفسك وعائلتك وتذهبين مع هذا الحقير لشقة في منطقة نائية... انت يا عديمة الشرف)
كان حسن ومعه الطبيب يحاولان تهدئة ابراهيم امام صدمة غفران وهميها بحرف وحيد حزين خرج خافتا ( لا)
ولكن ابراهيم لم يأبه واستطرد بصوت اشبه بالزئير
( من لوثت سمعتي لاجله مات... مات) كان ينطق تلك الكلمة المشئومة حاكما علي علاقة بدأت منذ سنوات بالانتهاء ... ولكن هيهات لعقل مرهق معبأ بالضباب كعقل غفران ان يعي هذا فما كان منها الا ان صرخت خوفا من المعني الحرفي للكلمة ( لا)
كانت صرخة مبحوحة جدا.... صرخة لم تتوقف حتي بعد ان راح الصوت تماما ولم يعد يدل علي الصرخة المستمر تمزق حنجرة تضررت للابد الا توسع الفم والعينين... وخط دم يرسم احرف لن تسمع ثانية.
لم يتوقف ولو لالتقاط الانفاس مذ دخل ذلك الطريق....لا ليس طريقا بالمعني المفهوم هو اقرب لدغل...مستنقع او اي مسمي يطلق علي مكانا يأنف الانسان من المرور حتي بجواره
( لكنه المكان الانسب للمهمة) ....فكر فيها بسخرية مريرة والمهمة،،،،تسير خلفه بإستكانة...
لازالت خطواته سريعة وكاأنها هاربة ...هاربة من همهماتهم التي لازالت عالقة بأذنه منذ اسبوع...تهمهم وتهمهم ولا تتوقف...كهاجس يعيش في تلابيب مخه.
كان بكل كيانه لازال يعيش تلك اللحظة وهو
حين اقترب من قاعة ابيه الواسعة ولازال الغضب يأكل قلبه ليسمع اعمامه يتغلظون في الحديث مع ابيه لاول مرة منذ وعي الدنيا...ليدخل مندفعا علي جملة عمه
( يجب ان تقتلها يا حاج وتغسل عارك...والا لن تقام لنا قائمة ثانية)
التفتت الوجوه تتطلع فيه بترقب حين دخل للقاعة ..الا والده الذي ظل مطأطئ الرأس بخذلان...ليهاله بعدها مارأه علي وجه ابيه من دمعات.
( انا من سأغسل بيدي عارنا ليظل الرأس مرفوعا)
همهمات التشجيع لازالت ترن في اذنه...تشجيعه علي قتلها وغسل العار.
وقف اخيرا ليبدأ في حفر الحفرة العميقة بكل همة بينما هي تجلس امامه ارضا وعينيها لا تفارقه.
انتهي من عمله فأعتدل...فاستقامت واقفة دون كلمة...لتتلاقي النظرات قبل ان تهمس
( كنت اتمني ان اري امي)
ليرد بصوت متهدج ( ترينها في الجنة)
سمع عمه صوت اطلاق النار قبل ان يعود هو للسيارة المنتظرة بوجه مظلم...فربت عمه علي كتفه مشجعا
( أمر الله)
كادت ان تفلت منه ضحكة طويلة هستيرية ولكن لم يفعل ...انتظر حتي عاد عمه بنظره للطريق فمد اصبعا يمسح دمعة وحيدة تسللت حتي وصللت لموضع .....قبلتها الاخيرة له
تبتعد بخطوات هادئة بعيدا عن * القطيع* ....هكذا تراهم ...قطيعا يسوقه جدها وجدتها دون تمييز...وهذا اكثر ما تكره...ان تعامل علي انها عادية..فهي ابعد ماتكون عن هذا...هي الجميلة.
كانت تتطلع فيهم بلا مبالاة تصل لحد الاستعلاء وهي تراهم يجرون او يلعبون علي الشاطئ الرملي.
فجأة اختطفتها يد قوية من وسطها بجرأة لتجد نفسها خلف احدي الاعشاش المنتشرة علي الشاطئ الخالي،
لم تجفل ....فجسدها وروحها قبله يعرفان صاحب اللمسة..،فلم تتوتر بل قالت بغنج مثير
( انزع يدك عني معاذ....سيرانا احدهم)
ضحك معاذ بخفوت وهو يلاعب حاجبيه بخطورة
( وما المشكلة في ان يرانا احدهم....اتمني هذا حتي يعجل جدك بكتب الكتاب)
ضحكت بنعومة تعرف انها ...تتلاعب بأعصابه
( لم تسمع منتهي وهي تحاضرني عن ضرورة وضع حدود بيننا حتي عقد القران.....تصر ان الغد ليس مضمونا....والله وحده اعلم اذا كنا لبعض في النهاية؟)
تعرف انها تتلاعب به وتنتظر بغرور النتيجة....لذا حين تلقتها سعد قلبها المراهق ومعاذ يشد علي ذراعها هامسا بوجد
( قولي لزوجة خالك ان تصمت...معاذ لجميلة وجميلة لمعاذ.....لن يفرقنا سوي الموت)
التفت اليه الضابط مؤكدا بخفوت( سنقتحم نأسر نحن افراد التنظيم العصابي...وانت والمدام لن تدخلا الا حين نؤكد ان المكان آمن)
وقف علاء يحاول قدر امكانه تهدئة توبجيته دون جدوي...لقد كانت توبة تتقافز في حماس وإثارة كعادتها في مثل تلك المواقف.
استغرق الامر وقتا قبل ان يناديهم الضابط داعيا اياهم للدخول...
سبقته توبة بخطوة ولكنه اعادها خلفه بصرامة هامسا( اذا سبقتيني ستكون اخر مرة لك في العمل الميداني)
اشارت له اشارتها المعهودة * انت ميت* قبل ان تهدئ قليلا واتعود تحتمي بظهره.
داهمتهم الرائحة السيئة والقاذورات واحدالضباط يقودهم لحجرة داخلية معلنا ( وجدنا كل الاطفال المبلغ عن فقدهم.....طفلة واحدة فقط بلا بلاغ بإسمها...ويقول افراد العصابة ان احدهم باعها له)
اقترب علاء من حيث اشار الضابط بينما توبة اتجهت تهدئ بكاء الباقين.
كانت تجلس حيث اشار الضابط فتاة قدر علاء انها في الثالثة ...سمراء بأعين بندقية تحتبس فيها بقايا دمعات.
اتجه اليها علاء يحملها وهو يشعر بقلبه اسير تلك التمرية ...وكأنها شعرت بالامان اخيرا فأنفجرت باكية ...تشكو.
ملس علاء علي شعرها الاسود المجعد هامسا بحنان
( ششششششش لا تبكي صغيرتي ....انت الآن بأمان يا جميلتي...اخبرني ما اسمك)
لثوان تطلعت فيه كأنها تسأله ( هل أنت أماني) قبل ان تجيب بصوت متكسر ( مهيرة)
غمرها علاء بدفء وهو موقن ان اصبح لاولاده شريكا جديدا بقلبه.
للتحميل اضغط هنا
↓ ↓ ↓ ↓ ↓
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق